النوم!
اذا قيل ان الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه الا المرضى فانني اقول، النوم تاج على رؤوس النائمين لا يعرفه الا المؤرقون!!
ولعل الذين قالوا ان النوم سلطان قصدوا انه يمارس سلطانه «على كيفه»، ولا احد يستطيع مساءلته، فهو يزور من يشاء، ويترك من يشاء، ويا ويله من لا يزوره السلطان!!
ولأنني من الذين غضب عليهم السلطان منذ نعومة اظفاري حتى خشنت، فان كلمة النوم في اي مكان تجذب انتباهي، ولعلي اكتشفت مبكراً ان كل ما يقوله الأطباء عن كيف تنام، يعتبر «فك حنك» كما يقول الاخوة في الشام، او «فك مجالس» كما يقول الاخوة في مصر، او «طق حنك» كما نقول في السعودية، فلن ينفع كوب اللبن الدفئ، ولا الحمام، ولا الينسون. ان تنام معناها ان تكون مرتاح البال، ولعل النوم والثقة توأمان، والثقة هنا معناها الاحساس بالرضى، الاحساس بالأمن. والذي قال لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما وجده نائماً في الحر، في العراء: عدلت فأمنت فنمت، قال حقاً ونطق صدقاً، وفسر قضية النوم افضل تفسير.
وكما يقولون، نوم الفقير ممتع سواء اكل قليلا او كثيرا.
اما الغني فمعدته لا تتركه ينام، وكما يقولون ايضاً، لكي تنام جيداً ليلاً، اشتغل جيداً نهاراً، والمشكلة ان امثالي من الكتاب الغلابة يشتغلون ليلاً ونهاراً ولا ينامون. والشغل هنا ليس معناه الانتاج، ولكن انشغال الذهن، والموتور الذي في الدماغ الذي لا يهدأ ولا يكل.
وعلى كل حال، النوم مثل اي شيء آخر، الكثير منه ضار كالقليل، اصدق العلماء الذين يقولون ان كل جسم له عدد معين من ساعات النوم، وليس هناك حكاية سبع ساعات او اكثر او اقل، المهم ان تصحو متجدد النشاط، متعك الله بالنوم.. وبالصحة والعافية