قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في " مجموع الفوائد واقتناص الأوابد " (ص70):
المصيبة التي تصيب العبد ويؤمر بالصبر عليها ويثاب على ذلك نوعان:
مصيبة تأتيه بغير اختياره وعمله كفقد الأحباب والمكاره التي تصيبه في بدنه أو قلبه أو ماله أو حبيبه فمن نعمة الله على المؤمن أنه إذا قام بوظيفة الصبر والرّضى واحتساب الأجر أعطاه الله أجره بغير حساب.
النوع الثاني: المصيبة التي تنال المؤمن بأسباب عمله الصالح كالجهاد والحج والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذه تشارك الأولى في ثوابها والصبر عليها وتزيد عليها بشرف سببها حيث نشأت عن طاعة الله فكانت أسبابها خير الأسباب وثمرتها خير الثمار وكانت مع ذلك تابعة لتلك الطاعة التي قام بها العبد.
قال - تعالى - في المجاهدين بأنهم: " لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..." الآية [التوبة: 120].
وقال: " إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ " [النساء: 104].
" وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " [آل عمران: 157].
وهذه أيضا يعان عليها العبد ما لا يعان على الأخرى فإن الله - تعالى -شكور يشكر عبده الذي قام بمراضيه بأنواع من الثواب في قلبه وإيمانه وثوابه والتحمل عنه وربما استحلاها المؤمن بحسب إيمانه وهنا مصيبة ثالثة تكون من أسباب عمله بالمعاصي فهذه إذا اقترن بها الصبر والاحتساب كانت من مكفرات الخطايا وإلا فهي تابعة للسيئات ونموذج للعقوبات. والله أعلم. ا. هـ